بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة الكرام سنكمل في هذا الدرس إن شاء الله وبتوفيقه إن شاء الله تعالى سلسلة من الدروس تكمل دروس تربية الأولاد في الإسلام .
النبي قدوة لنا في العبادة :
هذا أول درس ، أكبر وسيلة فعالة ، أكبر وسيلة مؤثرة لتربية أولادك أن تكون أنت قدوةً لهم ، ليس هناك من موقف يدعو إلى الاشمئزاز ، إذا كان الأب يدخن ثم علم خفيةً أن ابنه يدخن فأقام عليه النكير ، الدخان سيئ أم جيد ؟ سيئ ، لماذا أنت تدخن أيها الأب ؟ مادمت تدخن فهو من صفات الرجولة عند ابنك ، أراد أن يشعر بنفسه أنه رجل فدخن تقليداً لك ، هذه المشكلة ، فلذلك لن يكون الابن في الأعم الأغلب أو في الوضع الطبيعي فوق أبيه ، بل دونه ، فالأب هو السقف ، فكلما رفعت سقفك أنت رفعت مستوى تربية أولادك .لذلك السيدة عائشة رضي الله عنها حينما سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم قالت :
(( كان خلقه القرآن .))
ثم أن النبي عليه الصلاة والسلام تحدث عن نفسه فقال :
((أدبني ربي فأحسن تأديبي .))
ما هذا الأدب يا رسول الله ؟ أخ كريم كان له محل جانب المسجد قال لي : دخل عدة أطفال ، ودخل طفلان من سمتهما الحسن ومن أدبهما ومن وقوفهما المؤدب ومن غض بصرهما عن امرأة كانت في المحل بدا أن هذين الطفلين من طلاب المسجد ، والفرق واضح جداً بين طلاب متفلتين ، عيون زائغة ، تعليقات لاذعة ، مزاح رخيص ، وقاحة ، وبين طالب تأدب بأدب الإسلام . صدقوا أيها الأخوة أن الأدب الإسلامي يجعل للإنسان قيمة عند الله وعند الناس .
أيها الأخوة ، النبي قدوة لنا ، قدوة في العبادة ، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم من الليل حتى تتورم قدماه ، ولما قيل له : أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبداً شكوراً .
السيدة عائشة حينما سئلت عن عمله قالت :
(( كان عمله ديمةً .))
لا يوجد نوبات ، نوبة طاعة ثم تفلت ، معظم الناس تأتيه نوبات ، يحضر مجلس علم ، يُسَرُّ يومين ثلاثة أو أسبوعين ثلاثة ثم يغط ، تأتيه نوبة بعد شهرين ثلاثة ، كان عمله ديمةً مستمراً :
(( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ .))
وكان يقول :
(( أرحنا بالصلاة يا بلال .))
وقد جعلت قرة عينه صلى الله عليه و سلم في الصلاة .
بعض الآيات القرآنية عن تعبد النبي الكريم :
﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2)نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3)أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلاً (4)إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (5)﴾
وقال :
﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً (79)﴾
وقال :
﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (25)وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (26)﴾
كان قدوة في عبادته وأنا أقول لكم أيها الأخوة : حينما يرى الابن أباه يصلي صلاة متقنة ، وصلاة في وقتها ، يتوضأ ويحسن الوضوء ، يجهر بالصلاة الجهرية ، يصلي مع أولاده ، هذا البيت فيه صلاة ، قال تعالى :
﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)﴾
كأن الله يطمئن أهل البيت التي تقام فيه الصلوات الخمس لا نسألك رزقاً نحن نرزقكم .
نهاية الجزء الخامس.